Register To WDS
مسار عبد المحسن راضيمقالات رأي

صدام الأفكار: هل هو صراع سياسي أم صدى للكراهية ضد المسلمين؟

مسار عبد المحسن راضي

عمر مصابة بفقر الدم الأمريكي ولُزوجة ساميَّة

في ساحة السياسة الأمريكية، نجد أن السيدة إلهان عمر، العضو البارز في الكونغرس عن ولاية مينيسوتا، تدرك تمامًا أن المسار الذي تسلكه يثير التعقيدات. في مشهد متأزم، تبرز الآنسة داليا العقيدي كالسيف البتار، محاربة رمزية تتحدى مسار النائبة عمر. تكشف عقيدتها العميقة حول الهوية والتاريخ مثالاً حقيقياً عن استقطاب الآراء.

تُعتبر عمر مصدر إلهام للكثيرين في مجتمعاتهم، لكنها تطلق العنان لانتقادات لاذعة من خصومها. تدّعي العقيدي أن عمر لا تُظهر ولاءً كافيًا لأمريكا، مما يعكس عواقب تصريحاتها المأزومة بخطاب معادٍ للسامية، في زمن يعتبر فيه والسلام في الشرق الأوسط على المحك.

تسعى العقيدي إلى إظهار أن عمر قد حولت الكونغرس إلى مسرح للأضواء، مما يعكس ازدواجية الشخصية وفشلها في التمسك بالمبادئ الأساسية. تُعطي صوتًا معتمدًا للإخوان المسلمين من خلال تصريحها عن حقوق المسلمين في أمريكا، مما يزيد الهوة بين الأيدلوجيات المتضادة.

تتجلى مساعي العقيدي في نقد دائم لتوجهات عمر السياسية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل، والتي اعتبرت أن لها تأثيرً سلبيًا على السياسات الخارجية الأمريكية، مُطالبة بتوجهات أكثر اعتدالًا.

الصومال: مصنع غافني الابن لـ”الإسلاموفوبيا”

لكن القصة تتعقد أكثر عندما نفكر في التوجهات الفكرية والرمزية للعقيدي. فهي تتبنى آراءً متشددة تأتي من مركز “السياسة الأمنية”، حيث يُعتبر مؤسسه فرانك غافني الابن، مغرمًا بنظريات مؤامرة تتعلق بمدى تأثير المسلمين على الدستور الأمريكي.

غافني يعبر عن مخاوفه وحذره من التداعيات المحتملة على المجتمع الأمريكي، مُشيداً بقوانين مناهضة للشريعة الإسلامية، رغم عدم وجود ثغرات في الدستور تسمح بمثل هذه التشريعات. تُعتبر آراءه منطلقات “الإسلاموفوبيا”، التي نجحت في التأثير على الكثير من المشرعين.

إن محاولاتها لمنع إعادة توطين اللاجئين السوريين تُظهر حالة من الفزع المجتمعي، تُعززها تحليلات معقدة حول الحالة الاجتماعية والسياسية. العقيدي تُجسد التطور الجديد في هذه الساحة السياسية، تعلنها قاطعة لجسور الثقة مع النائبة عمر، في سعي دائم لتعزيز صوتها في منطقة الكونغرس الخامسة.

تشبه الإيقاعات السياسية الحالية ريشة تعاند الرياح الديمقراطية، حيث ينطلق التصريح: “إنها المرة الأولى في التاريخ السياسي الأمريكي تقف فيها مسلمة في مواجهة الإسلامويين”.

رغم أنه مرتبط بالحقيقة، إلا أن ذلك يأتي بشكل غير مباشر. كما وصف الشاعر بودلير العلاقة بين الشعر والواقع. تظهر الحقائق أن إحدى توصيات غافني الابن تتمثل في “منع وصول الإسلامويين إلى دوائر الناخبين المسلمين”.

حقائق من عالم الإعلام وفتوح المعلومات

تجسد غرائز الآنسة العقيدي صحفية بارعة كجنرال قاد معارك على صعيد عالمي لعدة عقود، تمثل تلك المعارك خبرات تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً. وتعتبر المصادر المجهولة “ذهب الصحافة”، ذاك الذهب الذي يتطلب الدقة والرؤية المتبصرة.

الصحافة، بحسب رؤية العقيدي، تعد طرفاً آخر من السياسة. لذا، إذا أردنا da دمج آراءها في جملة واحدة، يمكننا القول: الدعم المجهول هو الذهب المفقود للسياسيين.

كان يتوجب عليها أن تدرك أن السيد غافني وزملاءه يشكلون، وفقاً للأدلة البحثية، لساناً ناطقاً للإسلاموفوبيا، ولديهم روابط وثيقة بمؤيدي إسرائيل. كما كان ينبغي عليها التساؤل حول التحالفات المتعددة التي أسسها غافني مع منظمات تعمل ضد المسلمين والمهاجرين، وتروج للتفوق الأبيض.

ما يزيد الأمر خطورة هو المبدأ الذي يعبر عنه أحد الأعضاء السابقين في “أيباك” بأن غفلة الآنسة العقيدي تتيح استغلال النفعية السياسية لإسرائيل لتهديد صورة العرب المسلمين، حيث يبرزون بشكل متخلف ومشرق في الوعي الجمعي الأمريكي عندما تتصدر قضايا الشرق الأوسط النقاشات العامة.

يظهر التهديد الثاني المتمثل في العراقيين الأمريكيين، إذ يمكن أن يؤثر سلباً على مكانتهم بين الجاليات العربية الأخرى، حيث لا يتعدى عددهم الـ250 ألفاً كما أوضحت ميشيل ميتلستات، مديرة الاتصال في معهد سياسة الهجرة في أمريكا والاتحاد الأوروبي.

خفايا التأثير الإسرائيلي على العراق

كشف لي أحد العراقيين الأمريكيين، تحت سرية هويته، عن صراع ثقافي وسياسي موجود بين الجمهوريين والديمقراطيين من أصول عراقية. حيث أشار إلى أن معظم من يتقابل معهم من العراقيين يميلون لجانب الجمهوريين، وكانوا داعمين لإسقاط نظام 2003. وفيما يتعلق بهجماتها على السيدة عمر، وصف المحادثة بأنها تعكس التوتر التقليدي بين الحزبين، ولكنها تتعلق باستراتيجيات طيف أوسع من الجمهوريين.

خلال بحثي عن سياسات الحزبين، وجدت أن الأمريكيين من أصل عراقي يُستخدمون كأدوات لشرعنة سياسات القوة العسكرية الأمريكية، أو لأغراض توجيه التغييرات الديموغرافية في المنطقة.

الأزمة الحقيقية تكمن في كيفية استغلال إسرائيل للجاليات العربية الأمريكية لإدامة المفاهيم الخاطئة عن بعض الأقليات في الدول العربية، مما يساهم في دفع مشاريع تقسيم. هذا يستغل خلافات الهوية الدينية والسياسية في الوطن العربي.

أوصي بإدراج فقرة في قانون تسجيل العملاء الأجانب، تمنع مشاركة المواطنين الأمريكيين من أصول عربية مع أي مؤسسات إسرائيلية تؤثر بشكل سلبي على بلدانهم.

في الختام، أود الإشارة إلى محاولتي التواصل مرتين مع الآنسة العقيدي عبر تويتر، لكن لم أتلقَ أي رد. كما أن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية لم يرد على استفساراتي. كذلك لم أستلم أي توضيحات من السيد نهاد عواد، المدير التنفيذي للمجلس، رغم محاولتي التواصل معه.

مسار عبد المحسن راضي

ر. تحرير تنفيذي لصحيفة العراق اليوم، حيث عمل معداً ومقدماً للعديد من الحوارات السياسية والملفات الاستقصائية لصالح وكالات إخبارية. هو باحث مختص بالشأن السياسي، مع اهتمام خاص بالعراق وإيران ومنطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن تأثير التوازنات الدولية على هذه المنطقة. تنشر أعماله في العديد من الصحف والمنصات العراقية والعربية، كما يقوم أحياناً بكتابة المقالات باللغة الإنجليزية.

يمتلك اهتمامات أدبية، حيث أصدر مجموعتين قصصيتين بعنواني “سيكوتين” و”صعاليك هرم الملح”. يُستضاف بشكل منتظم في العديد من القنوات الفضائية، وله وجود في عدة منصات إعلامية مثل ساسة بوست، عربي بوست، والحوار المتمدن، وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى