Register To WDS
د. ظافر محمد العجميمقالات رأي

الخليج: البعد الغائب عن استراتيجية الناتو

د. ظافر العجمي

من الكويت والسعودية سحبوا الباتريوت؛ هل الأميركان راحلون!

في يناير 1968، أعلنت حكومة العمال البريطانية سياسة شرق السويس، التي تضمنت انسحابًا كاملاً خلال ثلاث سنوات، مع تعهد أمريكا بملء الفراغ الذي ستتركه. وكشف كيسنجر في صيف 1968 عن الخطة الكبرى التي تشير إلى إشراف واشنطن على الخليج لحماية المصالح النفطية والاستراتيجية وضمان أمن الدول العربية الجديدة ضد التسلل الشيوعي في حينه.

مرّ 40 عامًا، ويتكرر المشهد مجددًا؛ إذ تبدو جدوى بقاء القوات الأمريكية غير مُجدية، مما يثير سؤال: من سيكون البديل؟

قد يختلف البعض حول احتمال خروج أمريكا، لكن التاريخ يعلمنا أن كثيرين دخلوا الخليج قبلهم وخرجوا، سواء بالقوة أو نتيجة انتفاء الحاجة.

  1. دخل البرتغاليون الخليج بقيادة ألفونسو دي ألبوكيرك في العام 1506، وقد أخرجهم ناصر بن مرشد اليعاربي في 1665.
  2. الهولنديون دخلوا في 1622، وتم إخراجهم على يد مهنا ناصر الزعابي في 1765.
  3. الفرنسيون دخلوا في 1766 بعد تواصل نابليون مع سلطان مسقط.
  4. البريطانيون دخلوا في عام 1600، وخروجهم تم في عهد هارولد ويلسون في 1970.
  5. ها هي أمريكا الآن في طريقها للرحيل.

التلميح

هناك مؤشرات قوية على احتمال الرحيل:

  • التقشف الأمريكي في الانخراط بالنزاعات في سوريا والعراق وفلسطين واليمن يؤكد جدية الاستراتيجية نحو الانسحاب، مما يعني أن الأولويات الأمريكية تتجه نحو أماكن أخرى.
  • ضعف المبادرات الأمريكية في المنطقة.
  • إعطاء مساحة أكبر للديناميات الداخلية في المنطقة، مثل مصر في غزة وتطبيع العلاقات.

التصريح

وفقًا لتسريبات من صناع القرار العسكري الأمريكي، هناك تطورات ملحوظة في القوات الخليجية خلال السنوات العشر الماضية.

  • حققت القوات العسكرية في دول الخليج تقدمًا كبيرًا خلال السنوات السابقة.
  • يرى العسكريون أن وجود أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي أصبح غير ضروري.
  • تضاعفت خبرات استخدام السلاح المتطور، سواء في الكمية أو النوعية.
  • أعلن المسؤولون الأمريكيون أن البنتاغون سيقوم بسحب نحو 8 بطاريات باتريوت من دول مثل العراق والكويت والأردن والسعودية، بالإضافة إلى تقليص أسراب المقاتلات في المنطقة.

هل يهمها تشكيل الفراغ؟

تبدو واشنطن غير واضحة في كيفية التعامل مع التداعيات المحتملة الناتجة عن انسحابها، ولا تعطي إجابات واضحة حول الخسائر المحتملة في حال ملأت الصين وروسيا وإيران الفراغ الذي سيتركه الأمريكيون.

الحلول

1. الفراغ الاستراتيجي في الخليج قد يكون مبالغة، فهل لدى الصين أو روسيا القدرة والرغبة في توسيع أنشطتهما الأمنية في هذه المنطقة المعقدة؟

2. تمتلك أمريكا أدوات دبلوماسية تُمكنها من التأثير في أي صراع، بما في ذلك استخدام حق النقض (الفيتو) بدلاً من استخدام القوة في السياسة التي تؤثر على أمن الخليج ومصالح الحلفاء.

الإعتماد على الذات في مجال الأمن الجماعي هو ما يتطلبه الوضع الحالي، خاصة في سياق العلاقات الإقليمية مع إسرائيل وتركيا. من الضروري التفكير في الحوار الخليجي مع إيران لتعزيز الاستقرار في مناطق التوتر مثل اليمن وليبيا وسوريا. يُعتبر تقوية الشراكة الخليجية الاستراتيجية مع دول مثل اليونان وقبرص وتركيا خطوة هامة لتحقيق هذا الهدف.

الخاتمة

في عام 1968، عندما أعلنت دول الخليج سياسة شرق السويس، كان الحكام بحاجة ماسة إلى ضمانات من بريطانيا لتولي مسؤوليات حماية الأمن في المنطقة. ساعدت الخلفية التاريخية لدول الخليج المتعلقة بالإسترليني، حيث كانت تشكل جزءاً من قاعدة اقتصادية قوية تعتمد على إيرادات النفط المحفوظة في بنوك بريطانية.

يعود التساؤل اليوم حول البديل المتاح لدعم دول الخليج. البديل ليس فقط دولة بل هيكل عسكري كحلف شمال الأطلسي، مما يتطلب دراسة دور هذا الحلف في تطوير المبادرات المستقبلية مثل مبادرة إسطنبول. لقد ناقشنا في وقت سابق القصور في جهود الناتو تجاه دول الخليج، وهو ما يتطلب مزيداً من التركيز على تحسين العلاقات الرمزية والعملية في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى