Register To WDS
الأخبار العسكريةالأخبار العسكرية الإقليميةالعراق

“تجديد الدماء: ضرورة ملحة للجيش العراقي في مواجهة التحديات”

ثلاث مقاتلات تابعة للقوات الجوية العراقية من طراز F-16

بعد مرور 18 عامًا على إعادة تنظيم الجيش العراقي عقب الغزو الأميركي في عام 2003، يشعر العديد من المسؤولين والخبراء العسكريين بأن الجيش يعاني من زيادة أعمار أفراده، خاصة مع الحرب التي شهدتها البلاد ضد تنظيم الدولة الإسلامية، حيث أصيب حوالي 50 ألف عنصر دون تعويضهم بجدد.

قد تم تصنيف العراق في تقرير “غلوبال فاير باور” لعام 2021 في المرتبة السادسة من حيث القوة العسكرية بين الدول العربية، بينما احتل مرتبة 57 على مستوى العالم من بين 140 دولة تم تقييمها.

بحسب ما أفاد به ضابط رفيع المستوى كان في الخدمة حتى تقاعده قبل عامين، فإن عدد أفراد الجيش يبلغ حوالي 310 آلاف بين مدني وعسكري، مع وجود 14 فرقة عسكرية موزعة عبر مختلف المحافظات، باستثناء إقليم كردستان.

يعتمد الجيش على نظام التطوع منذ عام 2003 بعد أن ألغى الحاكم المدني الأميركي السابق بول بريمر الخدمة الإلزامية، التي كانت تُزوّد البلاد سنويًا بآلاف الجنود.

قبل حوالي 3 أشهر، أطلق عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية كريم أبو سودة تحذيرًا بشأن ضرورة تجديد دماء الجيش، مؤكدًا حاجة الجيش لتوظيف 50 ألف جندي جديد كحد أدنى.

وفي حديثه لوسائل الإعلام، ذكر أبو سودة أن حوالي 50 ألف جريح من وزارة الدفاع يحتاجون إلى التكريم والإحالة إلى التقاعد، مشيرًا إلى أن أعمار الجنود الحالية أصبحت كبيرة مقارنة بالمهام العسكرية المنوطة بهم.

لم يُعلن عن فتح باب التطوع في القوات المسلحة العراقية في السنوات الأخيرة، وكان آخر باب للتطوع متاحًا في أواخر عام 2019، لكن عدم إقرار الموازنة العامة عام 2020 حال دون قبول المتقدمين.

يوضح العديد من الخبراء أن هناك أسبابًا متعددة تحول دون تجديد العناصر في الجيش العراقي، وأحدها هو إلغاء نظام الخدمة الإلزامية في عام 2003، الذي كان قائمًا منذ تأسيس الجيش الوطني في عام 1921.

وفي هذا السياق، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع هه ريم كمال خورشيد أن باب التطوع لم يُفتح لفترة طويلة، مشيرًا إلى أن عدم اعتماده مجددًا أو نضوج مشروع قانون الخدمة الإلزامية يمثل مشكلة قائمة أمام مجلس الوزراء.

يضيف خورشيد أن هناك عوامل تدعو للتفكير في إعادة نظام الخدمة الإلزامية، ولا سيما بسبب تزايد أعمار الجنود وشيخوخة الجيش، بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية المتاحة عبر استيعاب الشباب العاطلين عن العمل.

أما العضو في اللجنة القانونية البرلمانية رشيد العزاوي، فيعتقد بأن عودة التجنيد ستكون مفيدة للأمة ولتقوية الوحدة الوطنية، مؤكدًا أن عام 2006 شهد تقديم أول مسودة مشروع للبرلمان بشأن إعادة الخدمة الإلزامية.

لكنه أشار إلى أن تلك المسودة لم تُطرح للتصويت بسبب الأوضاع السياسية التي كانت تمر بها البلاد.

تواجه البلاد تحديات كبيرة نتيجة للاحتقانات الطائفية، مما أثر سلباً على الأوضاع الأمنية.

من جهة أخرى، يبرز الخبير الأمني والاستراتيجي فاضل أبو رغيف أن القوة العسكرية تعتمد بشكل أساسي على الإمكانيات التكنولوجية والخبرة العملياتية، التي تساهم في حماية الوطن من أي تهديدات محتملة.

يشير أبو رغيف إلى أن الميزانيات الضخمة خلال العقد الماضي أتاحت مجالاً واسعاً للتطوع في الجيش بدون تخطيط دقيق، مما أدى إلى ظهور رتب عسكرية عليا غير متناسبة، والمعروفة باسم رتب “الدمج”، حيث تم ترقية العديد من الأفراد إلى ضباط دون ضوابط واضحة.

ويشير أبو رغيف إلى أن الجيش يضم حالياً 97 ضابطاً برتبة “فريق”، بينما كان الجيش العراقي السابق يضم 6 بضباط بنفس الرتبة، مما يعكس حال التراخي داخل صفوف الجيش. ومع ذلك، هناك ضباط أكفاء يمتلكون خبرات متعددة، حيث يقدم البعض منهم محاضرات في معاهد الأمن الدولية.

بالنظر إلى شيخوخة الجيش، يرى أبو رغيف أن العراق بحاجة ماسة لإعادة فتح باب التطوع لتجديد الدماء داخل صفوف القوات المسلحة، إلا أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة تشكل عقبة كبيرة أمام هذا الهدف.

يؤكد الباحث في الشؤون الأمنية سرمد البياتي أن شيخوخة القوات الأمنية ليست محصورة في الجيش العراقي فقط، بل تشمل أيضاً أجهزة الشرطة، حيث يتجاوز العديد من الجنود حالياً الأربعين عاماً من العمر.

ويضيف البياتي أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، ستتفاقم مشكلة شيخوخة الجنود، حيث تختلف طبيعة عمل الضباط مع تقدم العمر، وينتجون خبرة أكبر كلما تدرجوا في الرتب العسكرية.

تتجاوز مشكلة شيخوخة الجيش المسألة الكفاءة، حيث أن التدريبات العسكرية للجنود العراقيين تحتاج مستوى عالٍ من الأهمية، ونتيجة لارتفاع أعمار العديد من الجنود، قد تصبح الجدوى الاقتصادية للتدريب محدودة.

وفي هذا السياق، يؤكد البياتي أنه ينبغي أن تمتد فترة العطاء للجنود لأكثر من 20 عاماً، في حال بدأ الجندي تدريبه في سن مبكرة، وبالتالي سيكون قادراً على تدريب الجنود الأصغر سناً، وهو عكس ما يحدث حالياً مع التدريبات الدولية التي تتم في أعمار متقدمة نسبيًا.

التحديات والحلول

يرى البياتي أن هناك حلولاً محتملة مثل إعادة الخدمة الإلزامية أو إحالة المفصولين من الجيش والشرطة إلى التقاعد، مما سيفتح المجال لتطويع آلاف الجنود الشباب، مع اقتراح خفض الرواتب للجنود الجدد من نحو 1000 دولار إلى حوالي 700 دولار، مما سيساهم في توفير النفقات للموازنة العراقية.

من ناحية أخرى، تبرز كتل سياسية عراقيل فنية ومادية تعيق تشريع التجنيد الإلزامي. حيث يشير النائب عن لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، مهدي تقي إسماعيل، إلى ضرورة دراسة مستفيضة قبل إعادة تشريع الخدمة الإلزامية.

وفي حديث سابق، أشار إسماعيل إلى أن التجنيد يتطلب استثمارات ضخمة، في وقت يعاني فيه العراق من مشاكل مالية عديدة، فضلاً عن الحاجة إلى توفير بنية تحتية مناسبة لمراكز التدريب ومديريات التجنيد، بالإضافة إلى إمكانية إلزام الأفراد بالخدمة العسكرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى