Register To WDS
الأخبار العسكريةالأخبار العسكرية الإقليميةتركيا

دراسة: الشراكة التركية الباكستانية تشكل ركيزة جديدة في المنطقة

في تحليل مشوق أعدته الباحثتان أنيقة سافدار وشذا عارف من مركز دراسات الفضاء والأمن (CASS) التابع لسلاح الجو الباكستاني، تم تسليط الضوء على أهمية التحالفات العسكرية والاقتصادية بين أنقرة وإسلام أباد في ظل عالم يتجه نحو الشراكات لمواجهة هيمنة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة.

قد أكدت الباحثتان أن العلاقة التاريخية بين تركيا وباكستان، اللتين تُعتبران دولتين مسلمتين قويتين، ليست مجرد تحالف عابر، بل تنبع من روح الأخوة الدفينة. تتمتع الدولتان بأسس سياسية راسخة تستند إلى رؤى مشتركة حول قضايا هامة تُؤثر على الساحة الإقليمية والدولية.

كانت تركيا دائمًا داعمًا دبلوماسيًا قويًا لباكستان، وخاصة فيما يتعلق بقضية جامو وكشمير المعلقة. بالإضافة إلى ذلك، قدمت باكستان دعمًا دبلوماسيًا مماثلًا لتركيا في نزاعاتها مع الدول المجاورة.

تاريخ التعاون العسكري بين تركيا وباكستان يعود إلى المعاهدة التركية الباكستانية لعام 1954، وظهور المجموعة الاستشارية العسكرية التركية الباكستانية (MCG) في عام 1988. رغم ذلك، لم يكن هناك تحالف استراتيجي فعال حتى وصول الرئيس رجب طيب أردوغان إلى السلطة.

أحدثت فترة تولي أردوغان دورتها الجديدة للتعاون الثنائي، خصوصًا في مجال الدفاع. بدأت خطوات أساسية في العلاقات عندما قام الرئيس بزيارة باكستان في يونيو 2003، مما أسس لحوار عسكري رفيع المستوى أسفر عن تعاون فعال في مجالات الإنتاج الدفاعي والمشتريات، فضلاً عن التعليم والتدريب العسكري.

تجددت الروابط بشكل ملحوظ من خلال عدد من اتفاقيات الدفاع. في 2015، وقع البلدان اتفاقًا يقضي بتزويد باكستان بطائرات تدريب من طراز T-37 ج، بينما شهد عام 2016 توقيع اتفاقية بين وزارة الدفاع التركية ومجمع الطيران الباكستاني لشراء 52 طائرة سوبر موشاك.

وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، بلغت صادرات الأسلحة التركية إلى باكستان 112 مليون دولار بين عامي 2016 و2019، حيث ظلت تركيا ثالث أكبر مورد للأسلحة لباكستان، بينما تُعتبر باكستان ثالث أكبر سوق للأسلحة التركية.

تحمل العلاقات بين البلدين إمكانيات هائلة لتعزيز التعاون في مجالات جديدة، خاصة في التقنيات الناشئة التي توفر فرصًا كبيرة لتعاون مثمر. على سبيل المثال، ترغب باكستان في تنفيذ مشاريع مشتركة مع تركيا في مجالات الطائرات المسيرة، مع سعي البلدين لتطوير وإنتاج تلك التقنية بالتعاون.

كما توفر شركة PAC الباكستانية مكونات لطائرات أنكا التركية، ومن المتوقع أن تتسلم باكستان نظام الدفاع الجوي KALKA للتصدي لتهديدات الطائرات المسيرة.

في إطار هذا التعاون، وقعت شركة صناعة الطيران التركية مذكرة تفاهم مع الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا (NUST) في باكستان لإجراء أبحاث وتطوير مشترك. كما نُظر في إنشاء مركز يركز على المشاريع الدفاعية الخاصة بتكنولوجيا الرادار والحرب الإلكترونية والأنظمة الجوية غير المأهولة.

من خلال هذا التحليل، يظهر أن الشراكة الاستراتيجية بين تركيا وباكستان ستكون لها فوائد هامة على المدى الطويل، حيث يعزز التعاون العسكري، الذي تحفزه الدبلوماسية، العلاقات بين الدولتين.

في ظل الظروف الحالية، تعمل إسلام أباد وأنقرة على تحقيق فوائد اقتصادية واستراتيجية متبادلة.

وأشارت التقارير إلى أن باكستان قادرة على تعزيز نموها الاقتصادي عبر شراكات فعالة، فضلاً عن استفادتها من التقنيات العسكرية التركية المتطورة التي ستصبح بلا شك عناصر حيوية في الصراعات المستقبلية.

على الجانب الآخر، تعزز تركيا من صناعة الدفاع الخاصة بها من خلال توسيع قاعدة عملائها، مما يقلل اعتمادها على الموردين الغربيين. في ظل التوترات المتزايدة مع بعض الدول العربية والإقليمية، قد تجد تركيا شريكًا استراتيجيًا مهمًا في باكستان. هناك أيضا إمكانية لتصنيع مشترك للطائرات المقاتلة، وهو مفهوم بدأت الدولتان بالفعل في استكشافه.

ستسمح الشراكة الدفاعية بين الدولتين لباكستان بتنويع مصادر معداتها العسكرية، مما يسهل الحصول على ما تحتاجه من مورديها التقليديين. يحتمل أن تستفيد صناعة الطائرات بدون طيار في باكستان بشكل خاص من التعاون مع تركيا، مما سيساهم في تقوية الأواصر القائمة بالفعل بين هذين البلدين المسلمين.

وفي الختام، توصل الباحثون إلى أن التغيرات في التحالفات والنظام الجيوسياسي العالمي تعمل على تقريب العلاقات بين باكستان وتركيا، وأن هذه الشراكة ستلعب دورًا حيويًا في تشكيل ديناميات القوة الإقليمية والعالمية في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى