
راني زيادة
تعتبر أنظمة الدفاع الجوي المحمولة، أو ما يُعرف بـ “مانبادز” (MANPADS)، أداة قوية وفعالة في ساحة المعركة المعاصرة.
تم تصميم هذه الأنظمة خصيصاً لمواجهة الطائرات ذات الارتفاع المنخفض، بدءاً من المروحيات وحتى الطائرات القتالية. وتمتاز بسهولة حملها واستخدامها، حيث يمكن لطاقم صغير أن يتعامل مع بعض الأنظمة (المعروفة أحياناً بمصطلح “كروبادز” CREWPADS)، بينما يمكن تشغيل الغالبية بواسطة فرد واحد فقط.
تُصنف أنظمة الدفاع الجوي المحمولة بصورة عامة بناءً على نظم توجيهها التي تشمل:
- نظام توجيه الصواريخ بالأشعة تحت الحمراء (IR) السلبي: يعول هذا النظام على الكشف عن حرارة الطائرة المستهدفة، مما يجعله فعالاً ضد الطائرات ذات المحركات.
- نظام توجيه خط البصر باللاسلكي (CLOS): يتطلب هذا النظام تحكماً دقيقاً من قبل المسير، حيث يتم توجيه الصاروخ نحو هدفه باستخدام جهاز تحكم لاسلكي.
- نظام التوجيه الشعاعي بالليزر: يُعتبر هذا النظام حديثاً نسبياً، حيث يستخدم شعاع الليزر لتوجيه الصاروخ نحو هدفه.
تمتاز النماذج الحديثة من صواريخ الدفاع الجوي المحمولة التي تستخدم نظام التوجيه بالأشعة تحت الحمراء (IR) بقدرتها على الاشتباك مع الأهداف من ارتفاعات تصل إلى 4000 متر ومدى يبلغ 8000 متر.
ومن خلال التقنيات المتقدمة في التوجيه، يمكن لهذه الصواريخ الاشتباك مع الطائرات من زوايا متعددة، على عكس النماذج القديمة التي كانت تقتصر قدرتها على الاشتباك من الخلف.
تعود أصول أنظمة الدفاع الجوي المحمولة إلى خمسينات القرن الماضي، حيث دعت الحاجة إلى سلاح فعال لمواجهة الطائرات النفاثة السريعة التي كانت تُشكل تهديداً كبيراً للقوات البرية. وكانت الولايات المتحدة رائدة في تطوير هذه الأنظمة، حيث أطلقت صاروخ “ريد آي” (Redeye) في الستينات، وتبعتها دول مثل الاتحاد السوفياتي الذي طور نظام “ستريل 2” (Strela-2) المعروف أيضًا باسم SA-7.
أبرز 8 أنظمة MANPADS في العالم:
- 9كاي 333 فيربا (Verba): هو نظام دفاع جوي محمول باليد من الجيل الجديد دخل الخدمة في 2014. ويستخدم صاروخ 9M336 القادر على تدمير أهداف تتحرك بسرعة تصل إلى 500 متر في الثانية وعلى ارتفاع أقصى يبلغ 4.5 كم، ويصل مدى الاشتباك إلى 6500 متر.
- FIM-92 ستينغر (Stinger): هو نظام دفاع جوي محمول باليد أمريكي الصنع يُطلق من على الكتف. يُعدّ هذا النظام الأكثر شهرة في العالم، وقد أثبت فعاليته عبر العقود. يستخدم صاروخ ستينغر FIM-92 “باحث” يعمل بالأشعة تحت الحمراء دون أن ينبعث منه أي إشعاع يمكن للطائرة المستهدفة اكتشافه.
- جروم (Grom): هو نظام دفاع جوي محمول باليد بولندي يعتمد على صاروخ سوفيتي الصنع (9K38 Igla) تم اعتماده في عام 1981.
- إيجلا (Igla) أو SA-24: هو نظام دفاع صاروخي أرض-جو محمول باليد بنظام توجيه يعمل بالأشعة تحت الحمراء، وهو صناعة روسية بمدى يصل إلى 6 كم، ويمتاز بمناعتة عالية ضد التشويش.
أنظمة الدفاع الجوي المحمولة: الابتكارات والتحولات الحديثة
في عالم أنظمة الدفاع الجوي المحمولة، نشهد تحولاً تقنيًا مدهشًا يساهم بشكل كبير في تعزيز الفعالية على جميع الأصعدة. لقد أدت التطورات الحديثة إلى تحسين السرعة والدقة والمدى، ما يجعل هذه الأنظمة أكثر قوة في مواجهة التهديدات الجوية المتنوعة، بدءًا من الطائرات المقاتلة إلى الطائرات بدون طيار.
- تايب 91 (Type 91): يعد نظام MANPADS ياباني من الجيل الرابع، مشابهًا بشكل كبير لنظام ستينغر (FIM-92 Stinger) الأمريكي الصنع. يُبهر هذا النظام بنظام توجيه متقدم يحتوي على خيارين: الأول نظام الضوء المرئي، والثاني نظام الأشعة تحت الحمراء. تصل سرعة الصاروخ إلى حوالي 1.5 ضعف سرعة الصوت (ماخ 1.9).
- ستارستريك LML NG (Starstreak LML NG): هو نظام دفاع جوي محمول باليد مُنتج في المملكة المتحدة بواسطة شركة تاليس. يتميز بسرعة تتجاوز أربعة أضعاف سرعة الصوت بعد الإطلاق، مما يجعله الأسرع في فئة الصواريخ من نوع أرض-جو القصيرة المدى عالميًا.
- ميسترال (Mistral): نظام دفاع جوي محمول يدويًا قامت بتطويره شركة MBDA الفرنسية. يتميز بوزنه الخفيف ودقته العالية، حيث تصل سرعته القصوى إلى 930 مترًا في الثانية مع قدرة على التحليق على ارتفاع يصل إلى 3 كيلومترات. يزن رأس الصاروخ 3 كغ، ويستخدم نظام تفجير تقريبي بالليزر.
- آر بي إس 70 أن جي (RBS 70 NG): نظام دفاع جوي محمول باليد من السويد، من إنتاج شركة Saab. يتمكن هذا النظام من تدمير أهداف على بعد يصل إلى 8 كم وعلى ارتفاع 5 كم. يتضمن نظام التصويب كاميرا حرارية ومتعقب هدف آلي، مما يعزز من فعاليته في الاشتباك.
تُعتبر صواريخ “بوليد” Bolide السويدية مثالًا بارزًا على هذه الابتكارات، حيث ساهمت محركاتها الحديثة في توسيع مداها بشكل ملحوظ.
تسهم التقنيات المتطورة مثل صمامات الاقتراب في تحسين قدرة الأنظمة في الاشتباك بشكل أكثر فاعلية مع الأهداف الأصغر، مثل الطائرات بدون طيار. لم تقتصر الابتكارات على الآليات فقط، بل شملت أيضًا أنظمة القيادة والتحكم.
تُمثل هذه التطورات التقنية نقلة نوعية في قدرات أنظمة الدفاع الجوي المحمولة، مما يجعلها أداة فعالة لحماية القوات البرية من تهديدات الجو في ساحة المعركة الحديثة.








